"جريدة الصباح"... !

بالعمق أمنيةٌ ترتطمُ بأشجار الأرز، بالثلج والريح ووجهه الذي لا يراهُ غيري ... !
هوَ لا يعرفني ، يسكنُ في الضفة المقابلة لإدراكي،
يخرجُ كل يوم معتمرًا قبعةً سمراء ... و بيُمناه جريدة الصباح !

لازالَ يتعلمُ معنى الصباح من الجرائد ولكنهُ لا يؤمنُ بها ،
فكلّ ما يقرأهُ تمضمضهُ ذاكرته وتقذفه للنسيان !

ولازلتُ أقتعدُ الكرسي المختبىءَ خلفَ الباب ، أراقبهُ بعين تعشقُ كل تفاصيله ،
وأتساءل لمَ ثقبُ الباب لا يُريني كل شيء ... ؟
لمَ يصرُّ على جعله كائنًا من أنصافَ نورانية ... وأنا الواقفةُ خلفَ حواجز الخجل أختنق فقطْ لأنّهُ أعظمُ من أنْ تسرّبهُ الأبوابُ لي ... كما هوَ ...!

:

أحببتُ الأمكنةَ التي يزورهاَ ، والشوارعَ التي يقطعها، والأيدي التي يصافحهاَ كل يوم في وعيه وَ لاوعيه،
تلك الجزيئات من الهواء التي تحومُ حوله وتلتصقُ به ، أحسدهاَ فقطْ لأنهاَ أقربُ إليه من كل شيء ... ومنّي !

:

أحيانًا أكرهُ نفسي فقطْ لأنّ القلبَ الذي يسكنُ بداخلي لا يجيدُ النطق بلغة تجعلُ هذا الغريب يعودُ أدراجه ، ويقفُ خلفَ الباب ليسترقَ النظر من الثقب، ويرى عينيّ ثابتةً مكانهاَ ... تراهُ دونَ أن يراها !

بل إني أمقتُ الصمتَ الذي يأخذُ ملامحهُ من المسافات القريبة ليزرعها في صفحات جريدة "الصباح" ....
وأكرهُ الصباح ... دونَ أن أكرهه!